عاقبتني امي بقلم ميار طلعت

موقع أيام نيوز

كنت أتجنبه طوال الوقت رغم أن مكتبه بجوار مكتبي تحديدا كان يراقبني أثناء حملي الملفات لأنه علم تقريبا أنني أنسى أين أضعها فيأتي بعد قليل أثناء بحثي عنها قائلا دون الحاجة إلى سؤالي عما أبحث
على الرف الثاني جهة اليسار.
حينها أتصنع اللامبالاة وأقول رغم امتناني له
أعرف أين وضعتها.
وحين طلب مني مديري تجميع أعمال الشركة خلال الأربع سنوات السابقة وطباعتها جلست أمام الحاسوب كالبلهاء أراقب المارين بعينين زائغتين وأطرق بأصابعي على المكتب بتوتر لقد علمتني فتاة ما هنا كانت تشغل مكاني كيف أعمل على هذا الحاسوب..ولكن الآن يبدو كل شيء غريبا.
لم ألحظ فريد حين اقترب مني دون تردد متسائلا
هل من مشكلة
رفعت راسي بسرعة وقلت بصوت مضطرب
لا أنفذ ما طلبه المدير مني فحسب..أعلم ما سأفعل جيدا.
وقف لدقيقة قبل أن يخبرني أن المدير من أرسله لمساعدتي حينها شعرت بأن روحي ردت لي جلس على الكرسي بجواري بفارق مسافة وسألني عما طلبه مني وحين بدأ هو بالعمل تذكرت كل شيء أخبرتني عنه الفتاة ساعدني حتى طباعة آخر ورقة ثم ذهب بعد أن قال
أنت بارعة في العمل سريعة ذكية المدير كان محقا حين قال أنك أكثر من تستحقين هذا المكان.
ولا أعلم من أين أتتني تلك الطاقة الغريبة التي دفعتني على إنهاء المزيد من العمل اليوم عقب جملته كنت أظن أني سأطرد نهاية هذا الأسبوع إلا أنه بسبب جملة بت بارعة في استخدام الحاسوب واستخراج أقدم ملف به.
ذات يوم جلس بآخر المقعد الخشبي الطويل الذي كنت أجلس عليه في حديقة الشركة أشار إلى حذائي ذو عقدة الرباط المشوهة وقال
تشبه عقدة حذائي حين كنت في السابعة عشر ولكن تعلمت العقدة الصحيحة من صديقي بإمكاني تعليمك أيضا.. انخفض قليلا لېلمس رباط حذائه وأكمل انظري إنها طريقة سهلة.
لن أنس له أيضا أنه حين ضاعف المدير العمل لي بسبب إنجازي السريع لما يأمرني به حينها طلب مني فريد غاضبا أن أشكو إليه كثرة مطالبه وأنه إما أن يزيد لي راتبي وإما أن يخفف العمل عني وإما فسأترك الشركة رفضت رفضا قاطعا في البداية ولكن مع إصراره كل يوم ألا أكلف نفسي فوق ما أستطيع ذهبت إلى المدير صباحا وقلت له ما أملاه علي فريد حينها لم يتغير العالم لم أمت ولم أفقد جزءا من لساني..لم أخسر شيئا في الحقيقة كما كنت أتوقع حينها زاد راتبي لأنهم لن يستطيعوا الاستغناء عني بعدما أنجزته هنا.
عدت إلى أمي لأخبرها بما فعلته كأكبر إنجاز بحياتي
أنني شكوت لأول مرة ولا أعلم لم بدأت الكلمات تنزلق من فمي شيئا فشيئا فشكوت لها حياتي السابقة عمتي طليقي الثلاثة أعوام التي لم أشعر بهم سوى بالخۏف الدمية المکسورة التي لم ترها رغبتي
تم نسخ الرابط